أخبارالنحل والعالم

النحل في سوريا يعود لخلاياه مجدداً .. ورئيس فرع اتحاد النحالين العرب بسوريا يجيب عن كيف يعود عسل النحل السوري الى مجده ما قبل 10 سنوات

إياد دعبول رئيس فرع اتحاد النحالين العرب بسوريا : نتعاون مع وزارة الزراعة السورية والمنظمات الدولية لدعم قطاع النحل بخلايا خشبية ومعدات للنحالين والعاملين في هذا القطاع

وأخيراً نجحت سوريا في ترميم قطاع تربية النحل مجدداً بعد 10 سنوات من الحرب التي دمرت أكثر من 630 ألف خلية نحل كانت تملكها البلاد، وعودة النحل في سوريا وأوقفت عمل أكثر من 30 ألف نحال فبعد عودة الاستقرار إلى مجمل الأرياف السورية، انتعشت تربية النحل من جديد وزاد إنتاج سوريا من العسل الطبيعي بعد عودة النحالين إلى مناطقهم واستئناف العمل في هذا القطاع، فيما بدأت حركة التصدير تبصر النور مجددا.

وشهد قطاع النحل تحسناً ملحوظاً في السنوات القليلة الماضية بعد تراجع كبير في أعداد خلايا النحل وصل إلى مادون 200 ألف خلية في العام 2017 حيث وصل العدد هذا العام إلى 350 ألف خلية ووصل إنتاج العسل إلى نحو /2000/ طن لأول مرة منذ العام 2010.

في هذا السياق أوضح المهندس إياد دعبول رئيس فرع سوريا لاتحاد النحالين العرب في تصريح خاص لـوكالة “سبوتنيك” الروسية قائلا “لقد حبا الله سوريا بطبيعة خاصة استوطن فيها نحل العسل وتأقلمت هذه الحشرة مع الظروف البيئية والمناخية الموجودة في البلاد، وسميت “سلالة النحل السوري” وهي سلالة صافية مسجلة عالمياً كبقية السلالات كسلالة النحل الإيطالي والكرينوري وغيرهما.

المهندس اياد دبعول رئيس فرع اتحاد النحالين العرب بسوريا
المهندس اياد دبعول رئيس فرع اتحاد النحالين العرب بسوريا

من 650 ألف خلية إلى 200 ألف

وحول التغيرات التي طرأت على قطاع تربية النحل بسبب الحرب والجهود السورية والدولية التي ساهمت بإنقاذ النحل السوري قال دعبول: “يمكننا تقسيم مراحل تربية النحل في سوريا إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى ما قبل عام 2010 والمرحلة الثانية في عام 2017 والمرحلة الثالثة تمتد من عام 2017 إلى عام 2021، ففي عام 2010 كانت تمتلك سوريا بين 630- 632 ألف خلية نحل ولديها 30 ألف نحال وعامل في مهنة تربية النحل وصناعة ملحقاتها ومستلزماتها من خلايا خشبية وألبسة خاصة بالنحالين وغيرها، وكانت سوريا تنتج /3200/ طن من العسل سنوياً، وتراوحت حاجة السوق في ذلك الوقت بين /1500- 1800/ طن من العسل، كان يصدر أيضاً بين /500-700/ طن والباقي كان يدوّر إلى العام الذي يليه، وحين بدأت الحرب تأثرت مناطق الأرياف بسوء الأوضاع الأمنية وهي الأماكن التي تتركز فيها تربية النحل، وبدأ مسلسل التدمير المتتابع لخلايا النحل وسرقتها، وتراجعت أعدادها من 630 ألف إلى أعداد غير محصورة بشكل نهائي، لصعوبة إجراء إحصائية في عام 2017 مع وجود مناطق غير آمنة لا يمكن الوصول إليها لمعرفة وضع النحل فيها، ونتيجة لذلك تراجع إنتاج العسل وتناقص عدد العاملين في تربية النحل لعدم قدرتهم على تنقيل الخلايا بين المراعي ولا حتى مجرد الوصول إلى نحلهم، فأصبح هناك حاجة ماسة للعسل وبدأت تغزو السوق المحلية أنواع من العسل المهرب والمغشوش، وقد تواصلنا مع وزارة الزراعة ومع المنظمات الدولية وخصوصاً برنامج الغذاء العالمي (الفاو) ، ومنظمة “UNDP”، ومنظمة “UNHCR” لتأمين مستلزمات الإنتاج بناء على دراسة احتياجات النحالين،

خلية نحل

عودة النحل في سوريا

أما مرحلة ما بعد عام 2017 وبعد التدخل الإيجابي في قطاع النحل وبالتعاون مع وزارة الزراعة والمنظمات الدولية بدأنا دعم قطاع النحل بخلايا خشبية ومعدات للنحالين والعاملين في هذا القطاع، وبدأت الأمور بالتحسن تدريجياً”.

فائض لتصدير منتجات النحل في سوريا

وحول طبيعة التحسن الذي طرأ على هذا القطاع في السنوات الأخيرة أوضح رئيس فرع اتحاد النحالين العرب بسوريا أن “بعد وصول عدد خلايا النحل إلى أقل من /200/ ألف خلية بدأ الوضع يتحسن بدءاً من العام 2017 وبدأنا في العام الحالي 2021 نقطف ثمار الجهود المبذولة في السنوات الماضية من خلال كمية الإنتاج الوفيرة التي تحققت والتي تراوحت بين 1700- 2000 طن من العسل، وهو ما يغطي احتياجات السوق السورية ويفيض قليلاً للتصدير، وأتصور أن عدد خلايا النحل في سوريا ارتفع إلى حوالي /350/ ألف خلية نحل”.

وحول عودة سوريا إلى إنتاج وتصدير العسل وفرص وصوله إلى الأسواق العربية قال: “قبل الحرب كان العسل السوري موجود في أسواق الدول العربية المجاورة ودول الخليج، ومع بدء الحرب وعدم القدرة على التصدير حل محل العسل السوري أنواع أخرى، لكننا في هذا العام ومع وجود فائض قليل من الإنتاج بدأنا نفتش عن أسواق خارجية للتصدير، وهذا بحاجة إلى وقت لإعادة بناء الثقة مع الزبائن الخارجيين، ففي عام 2010 وحين كان العسل السوري موجود فذلك كان نتيجة لجهود امتدت لنحو 30 عاماً، فالأمر يحتاج إلى مرحلة زمنية حتى يعود العسل السوري إلى تألقه في تلك الأسواق من جديد، فخلال السنتين الماضيتين، أخذنا قرار بإقامة مهرجان لتسويق العسل المحلي على مستوى السوق المحلية ثم الانتقال مع وجود فائض إلى الأسواق العربية والعالمية، ونتطلع إلى بدء عملية التسويق الخارجي ولكن بطريقة مختلفة عن الطرق القديمة، من خلال تصنيع وتصدير منتجات أخرى للنحل غير العسل مثل الكريم والشامبو ومعجون الأسنان ومنتجات أخرى، وكذلك تعبئة العسل بعبوات مختلفة الأشكال والأحجام لتتناسب مع طرق عديدة للاستهلاك، فيمكن للطالب أن يصطحب معه عبوة عسل صغيرة إلى المدرسة كوجبة مغذية خاصة في فصل الشتاء حيث يحتاج الجسم إلى السكريات الطبيعية”.

مناخات متنوعة تميز العسل السوري

ولفت رئيس فرع سوريا لاتحاد النحالين العرب إلى أهمية التنوع المناخي والتضاريسي في سوريا في مجال تربية النحل وقال: ” تبلغ مساحة سوريا 185 ألف كيلو متر مربع، وتتنوع فيها التضاريس بين السهول الساحلية حيث أزهار الحمضيات إلى الجبال حيث نباتات ’’العجرم’’ و’’الطيون’’ اللتان تزهران في الخريف، ثم السهول الداخلية حيث أزهار ’’اليانسون’’ و’’حبة البركة’’ وأشجار ’’الكينا’’ ثم مناطق البادية وصولاً إلى المناطق الملاصقة للأنهار في منطقة الجزيرة السورية حيث أزهار القطن و’’العباد’’، وبالتالي لدينا طبيعة متنوعة من المراعي وأوقات الإزهار، وهذا يزيد من عدد قطفات (جني) العسل، ومع تحسن الوضع الأمني صار بإمكان النحال أن يتنقل بين هذه الأماكن دون أي عائق، وشهد العامان الماضيان تدخلاً من قبل المنظمات الدولية بالتعاون مع اتحاد النحالين العرب لزراعة ’’زعتر الخليلي’’ في منطقة الغاب ومحافظات عدة وهو من النباتات الطبية، ونتيجة إزهار هذه النبتة تمكن النحالون السوريون ولأول مرة هذا العام من قطف عسل الزعتر وهو من الأعسال الطبية المتميزة وغالية الثمن عالمياً”.

الأسعار وتكاليف الإنتاج لتربية النحل في سوريا؟

وعن أثر ارتفاع كلفة الإنتاج على تربية النحل خلال السنوات الأخيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها سورية وما يمكن فعله في هذا الإطار قال دعبول: “هناك مشكلة حقيقية يواجهها النحال وهي التضخم الذي أتى على كل شيء لاسيما أسعار مستلزمات الإنتاج فازدات تكلفة الإنتاج بشكل كبير، فالمربي بحاجة الخلايا الخشبية وأقمشة البدلات الواقية ومتممات غذائية للنحل ووقود لتنقيل النحل بين مناطق الرعي المتباعدة، وكان يتنقل سابقاً من منطقة إلى أخرى بكلفة تتراوح بين 30-50 ألف ليرة سورية، بينما الآن تتراوح كلفة التنقل بين 400- 700 ألف ليرة سورية، ورغم ذلك لم ترتفع أسعار المنتجات إلا بنسبة 30 % فقط فيما ارتفعت أسعار مستلزمات الإنتاج بنسبة تتراوح بين 400-500%، ومن هنا تأتي أهمية دعم النحالين عبر المنظمات الدولية”.

استراتيجية لمكافحة “الفاروا” في سوريا

وأشار دعبول إلى أن اتحاد النحالين العرب يسعى من خلال برنامج تدريب وطني بالتعاون مع وزارة الزراعة والمنظمات الدولية إلى وضع استراتيجية مكافحة حشرة ’’الفاروا’’ التي تعتبر من أخطر الآفات التي تصيب النحل.

وأضاف: “كون تربية النحل تدخل ضمن إطار الإنتاج النباتي والحيواني وباعتبار زيادة عدد النحل تؤدي إلى زيادة كميات إنتاج العسل بنسبة تتراوح بين 30-50% نتيجة التلقيح التي يقوم بها النحل فلابد من المحافظة على عدد النحل بزيادة عدد الخلايا والحفاظ على النحل السليم الصحي، وهي من أولويات التدخل التي يمكن أن تقوم بها وزارة الزراعة، كما يمكن دعم النحالين بمخصصات من الوقود بسعر مدعوم، كذلك يمكن تخصيص النحالين بكمية مناسبة من السكر المدعوم لأن النحل يحتاج في الشتاء إلى فترة تغذية داعمة حيث يتأثر النحل بالبرد ويمكن أن يفقد جزءاً من العسل، وهذا الدعم يخفف من تكاليف الإنتاج التي يتكبدها النحالون، كذلك يمكن إعفاء مستلزمات إنتاج العسل من الرسوم الجمركية لتشجيع النحالين ولزيادة عدد خلايا النحل وكمية العسل، وحالياً يباع العسل بسعر يتراوح ما بين 25-35 ألف ليرة سورية وهو سعر طبيعي بالنسبة للنحال مع ربح معقول للمحافظة على مشروع تربية النحل وعلى تأمين مستلزمات الإنتاج”.

للمزيد من الأخبار عن النحل وتربية النحل في سوريا اضغط هنــــا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى