تربية النحلتربية النحل للمبتدئينتربية النحل للمحترفينمقالات وأبحاث

د نصر بسيوني يكتب: عالم النحل منظومة إبداع في عالم الفوضى

خبير تربية نحل وإنتاج العسل

كم مرة خطر ببالنا و نحن نشاهد خلايا النحل أو نمر بجوارها أن نتساءل عن ما يوجد داخل هذه الصناديق الخشبية؟

هذا السؤال يكشف عن منظومة “محكمة” في عالم النحل تعتمد علي التنظيم الدقيق التي لا يمكن مقارنتها بالفوضي التي يشهدها العالم في العديد من المجالات، ولنا أن نبدأ بخلية النحل التي تتكون خلية نحل العسل الخشب القياسية (لانجستروث) من صندوق من الخشب يحتوي داخله على عشرة أقراص من الشمع المقسم الى عيون سداسية يعيش عليها مجتمع من النحل يسمى طائفة النحل

تتكون الطائفة عموما من ملكة واحدة وعشرات أو مئات الذكور والاف الشغالات والتي قد يصل عددها في الصندوق الواحد الى ما يزيد عن عشرون ألف شغالة ودعونا نستعرض أهمية كل فرد من الأفراد السابقة ودوره في الطائفة.

ملكة النحل هي أنثى خصبة تخرج للتزاوج في رحلة طيران خارج الخلية في بداية حياتها وتخزن الحيونات المنوية التي جمعتها من هذا التزاوج في مخزن خاص بجسمها يسمى القابلة المنوية ولا تخرج للتزاوج مرة أخرى طوال حياتها وتضع يوميا عدد من البيض قد يصل الى ألفى بيضة يزيد وزنها عن وزن الملكة نفسها وتقوم بأخصاب كل بيضة منها بحيوان منوى من المخزونة في جسمها وذلك على مدى سنوات.

وتعتبر ملكة النحل هي أم الطائفة الموجودة داخل الخلية كلها وتحمل الذكور جميع صفاتها من الملكة الأم بينما تحمل الشغالات نصف صفاتها من الملكة والنصف الأخر من الذكور التي قامت بتلقيح الملكة أي أن صفات الملكة تكون مؤثرة بنسبة النصف على الأقل في صفات النحل الموجود داخل الخلية وتتميز الملكة عن الشغالات بحجمها الكبير الذي يقترب من ضعف حجم الشغالات العادية ولون جسمها الذي يختلف بين الأسود أو البنى الداكن أو البرتقالي أو حتى الأصفر ولكى تتفرغ الملكة لوضع هذا العدد من البيض.

تقوم عدد من الشغالات تسمى الشغالات الوصيفة بالإحاطة بالملكة ورعايتها وتغذيتها وتنظيفها ونقل رائحتها لباقي أفراد الطائفة وبمجرد بدأ وضع الملكة للبيض لا تتغذى الملكة ألا على غذاء خاص بها تعده لها الوصيفات يسمى الغذاء الملكي وتغذيها به في فمها مباشرة وهو غذاء مرتفع في قيمته الغذائية ويحتوى على كثير من المواد المنشطة للمبايض على وضع البيض و تجديد شباب الملكة و التي تستمر في نشاطها لسنوات لتعتبر أطول أفراد الطائفة عمراً.

ولا تقوم الشغالات عموما بتربية ملكات جديدة إلا في حالات معدودة مثل أن تصاب الملكة بمرض أو ضعف أو عجز فتقوم الشغالات بتربية ملكة جديدة و ترعاها حتى تتزاوج وتبدأ في وضع البيض فتساعدها على التخلص من الملكة القديمة و أحيانا قد يزداد عدد الشغالات بالخلية بصورة كبيرة ويصبح من الصعب على الملكة السيطرة على الطائفة أو نتيجة ضيق حجم الخلية فتبدأ الشغالات في تربية ملكات جديدة و تسمح في هذه الحالة للملكة الأم أن تصطحب معها عدد من الشغالات وتخرج من الخلية لتبحث لنفسها عن مكان جديد لتبدأ فيه من جديد وتفقس ملكة جديدة داخل الخلية تبدأ هي أيضا دورة جديدة من الحياة.

وتتعرف الشغالات على وجود الملكة من روائح الملكة والتي يفرزها غدد خاصة بجسمها وتوزعها الشغالات الوصيفات على باقى الشغالات بالخلية وتسمى هذه الروائح فرمونات الملكة وعند فقد الملكة تشعر الطائفة كلها خلال ساعات بعدم وجودها نتيجة توقف أنتشار رائحتها بين أفراد الطائفة و يبدأ التفكير في تربية ملكة بديلة من البيض المخصب الذى وضعته الملكة السابقة بتغذية اليرقة الفاقسة منه بالغذاء الملكي حتى تتكون ملكة يمكنها أدارة الطائفة من جديد وتعتبر فرمونات الملكة هي العامل الأهم في انتظام العمل داخل الطائفة  ورغم امتلاك الملكة لألة لسع ألا أنها غالبا لا تلسع بها ألا ملكة مثلها في سبيل الحفاظ على مملكتها ولكى يبقى دائما بالطائفة ملكة واحدة

وفيما يتعلق بذكور النحل فعددها يتراوح في العادة بين عشرات أو مئات الذكور على الأكثر ومهمتها الأساسية هي التزاوج مع الملكة فقط والذكر الذي يتزاوج مع الملكة يموت بعد التزاوج مباشرة وأهميته ترجع لأن الشغالات تحمل نصف صفاتها الوراثية من الذكور التي تزاوجت مع الملكة

والشغالات فهي الصورة المعروفة للنحل فكلنا شاهدها على الأزهار في الحقول أو الحدائق وهى مصدر الرعب لكثير منا لكونها الفرد الوحيد في الطائفة الذى يهاجم الأنسان و يلسعه ويسبب له ألم شديد وتورم في كثير من الحالات ولكن في المقابل هي الفرد العامل بالطائفة والذى يرتبط عمره بقدر المجهود الذى يبذله وعادة يتراوح بين خمسة و أربعون يوما ومائة وعشرون يوما .

الشغالات هي التي تجمع الرحيق من الزهار وتخزنه في صورة عسل داخل الخلية و الشغالات هي التي تقوم بتلقيح الأزهار وجمع حبوب لقاحها .

كما أن الشغالات هي التي ترعى بيض الملكة حتى يفقس وتخرج منه يرقات صغيرة فتقوم الشغالات بتغذيتها ورعايتها حتى تصل في النهاية الى أن تكون شغالة كاملة تحل محل زميلاتها.

ونحل العسل مثله مثل أي كائن حى يعيش و يموت ويمرض ويحتاج رعاية خاصة لتوفير أفضل الظروف لمعيشته و ينظر إليه في منطقتنا العربية كمصدر للعسل فقط بينما تنظر الدول المتقدمة لأهميته في تلقيح المحاصيل بدرجة أولى حيث تقدر الدول المتقدمة قيمة النحل في تلقيح المحاصيل بمئات مليارات الدولارات و تخصص هذه الدول لأبحاث النحل مليارات الدولارات للحفاظ على النحل و رعايته وتحسين ظروف تربيته.

وتقابل تربية النحل حالياّ عدد الصعوبات مثل أنتشار أمراض النحل و المبيدات الحديثة للأفات الزراعية و التي قضت على النحل في كثير من المناطق عن غير قصد وشبكات المحمول وأبراج الكهرباء و التي تؤثر على قدرة النحل في العودة الى خلاياه لذلك تخصص الكثير من الدول أبحاثها حاليا للتغلب على هذه الصعوبات و أيجاد حلول لها خاصة مع بدء إنتشار اتجاهات حديثة لاستخدام النحل في استخدامات غير تقليدية مثل الاستفادة من حاسة الشم القوية لدى النحل و التي تعتبر أضعاف مثيلتها لدى الكلام المتخصصة فبدأ العالم حالياً في استخدام النحل في تدريب النحل على إكتشاف المتفجرات و الأسلحة و المواد المخدرة في المجال الأمني.

وكذلك في المجال الزراعى تم تدريب النحل على إكتشاف النباتات المريضة أو المصابة بالآفات وفى وقت لا يمكن فيه إكتشاف هذه الإصابة بالعين المجردة.

أما المجال الطبي فقد أمكن فيه تدريب وإستخدام النحل على إكتشاف رائحة تنفس أو إفرازات الشخص المصاب يص بمرض معين مثل أمراض السرطان في بدايتها وبعدد قليل من الخلايا التي لا تظهر بالفحص الطبي بأحدث الأجهزة الطبية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى